المشهد المعاصر | كيف يحاول ترمب ونتنياهو تحويل المستحيل إلى واقع؟

منذ 3 ساعاتآخر تحديث :
المشهد المعاصر | كيف يحاول ترمب ونتنياهو تحويل المستحيل إلى واقع؟

منى حوا – تصاعدت في الآونة الأخيرة تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول سيناريوهات تبدو مستحيلة التنفيذ، مثل تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم أن الإجابة الواضحة عن إمكانية تنفيذ مثل هذه المخططات هي “لا”، إلا أن مجرد طرح هذه الأفكار في الفضاء الإعلامي ليس بلا تأثير.

ما يجري ليس مجرد تصريحات عشوائية، بل هو تلاعب استراتيجي مدروس، يستند إلى نظريات إعلامية وسياسية تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي العام، وتحويل الأفكار غير القابلة للتنفيذ إلى سيناريوهات قابلة للنقاش.

1-استراتيجية الدخان والمرايا: خلق الوهم الإعلامي

تعتمد هذه الاستراتيجية على إثارة ضجة إعلامية ضخمة حول قضية غير واقعية، بهدف تشتيت الانتباه وفرض أجندات سياسية جديدة.

كيف يتم استخدامها؟

تكرار الحديث عن تهجير الفلسطينيين رغم استحالته، لجعل القضية قابلة للنقاش بدلًا من رفضها فورًا.

تحويل الفشل العسكري الإسرائيلي في غزة إلى نقاش حول “أين سيذهب الفلسطينيون؟”، وكأن رحيلهم أمر محتوم.

وضع الدول العربية المستهدفة (مثل مصر والأردن) في موقف دفاعي، بحيث تبدو وكأنها تتفاوض على حلول بدلًا من رفض الفكرة من أساسها.

النتائج

يصبح التهجير فكرة “مطروحة” بدلًا من جريمة حرب مستحيلة التنفيذ.

تضطر الأطراف الدولية والعربية إلى إصدار نفي وتوضيحات، مما يمنح القصة مصداقية زائفة.

يتحول النقاش من ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي إلى البحث عن “بدائل” للفلسطينيين، وهو بالضبط ما يسعى إليه نتنياهو وترامب.

2-استراتيجية إغراق الساحة: الفوضى كأداة سيطرة

تعتمد هذه الاستراتيجية على إطلاق سيل من التصريحات والقرارات غير الواقعية، بهدف إرباك الإعلام والرأي العام وإجبارهم على ملاحقة الأحداث بدلًا من التركيز على القضايا الجوهرية.

كيف تُستخدم؟

ترامب يطلق تصريحات عن تهجير الفلسطينيين، فرض عقوبات، بناء الجدران، رغم معرفته بعدم قابليتها للتنفيذ.
نتنياهو المحاصر سياسيًا، يستخدم التهديدات الضخمة لإبقاء الجميع في موقف رد الفعل، بدلًا من محاسبته على فشل الحرب.

النتائج:

يتم استهلاك الإعلام والجمهور في متابعة التصريحات المتضاربة بدلًا من التركيز على الحقيقة: إسرائيل فشلت عسكريًا، وترامب يناور إعلاميًا.

يصبح من السهل تمرير سياسات خطيرة وسط الفوضى الإعلامية.

3-استراتيجية فرض السردية بالقوة: التكرار يصنع القبول

تعتمد هذه الاستراتيجية على تكرار الأفكار بشكل مكثف حتى تصبح مألوفة وأقل صدمة، ما يسهل تقبلها تدريجيًا.

كيف يتم تنفيذها؟

منذ أشهر، كان الحديث عن تهجير الفلسطينيين مستبعدًا، لكنه اليوم يناقش في الإعلام كأنه “أحد الخيارات المطروحة”.

يتم طرح الفكرة من زوايا مختلفة: تصريحات أميركية، تسريبات إسرائيلية، تحليلات استراتيجية، مما يجعلها تبدو وكأنها احتمال واقعي.

نفس الأسلوب استُخدم في الحرب على العراق، حيث تحولت “أسلحة الدمار الشامل” من كذبة إلى مبرر للحرب بسبب التكرار الإعلامي المكثف.

النتائج:

يصبح التهجير فكرة مقبولة للنقاش، حتى لو كان الرفض العربي والدولي لها قويًا.

يتحول النقاش من “هل هذا ممكن؟” إلى “كيف يمكن تنفيذه؟”، وهو ما يسعى إليه ترامب ونتنياهو.

الخلاصة: كيف نواجه هذا التلاعب؟

رفض التعامل مع هذه الأفكار وكأنها سيناريوهات قابلة للنقاش.

عدم الانجرار إلى المواقف الدفاعية التي تشرعن هذه الطروحات.

كشف أساليب التلاعب الإعلامي والتركيز على الحقيقة: هذه مجرد أدوات ضغط وليست خططًا قابلة للتنفيذ.

* ما يريده ترمب ونتنياهو ليس تنفيذ التهجير، بل جعله يبدو كخيار ممكن. المهمة الأساسية هي كشف هذا التلاعب ورفضه تمامًا.

الاخبار العاجلة