- قشوع: بايدن وترمب يهرولان نحو البيت الأبيض كـ”فرسي رهان”
- قشوع: الاقتصاد يظل العامل الأبرز للناخب الأمريكي
- العرب والمسلمون في حيرة حول التصويت لبايدن راعِ الاحتلال أم لترمب عراب صفقة القرن
- قشوع: ما جرى في الجامعات بين أن تبرعات اللوبي الصهيوني لم تفلح
- قشوع: اعتصامات الجامعات تؤكد أن أمريكا أنتجت جيلا يجابه الصهيونية
استفاقت الإدارة الأمريكية في السابع من أكتوبر الماضي على انتفاضة المقاومة الفلسطينية في وجه ممارسات الإحتلال الإسرائيلي بحق المقدسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الصدمة التي كابدتها الإدارة الأمريكية بـ”طوفان الأقصى” أسوة بدول العالم، عطلت جزءاً من نوايا الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي اعتقد مع اقتراب ملحمة الانتخابات الأمريكية أن توليه ولاية رئاسيةً ثانية على حساب منافسه دونالد ترامب باتت أقرب من أي وقت مضى.
معادلة الإنتخابات الأمريكية 2024
الخبير في الشأن الأمريكي خالد قشوع رصد نبض الشارع الأمريكي من خلال إقامته في الولايات المتحدة، ولا زال يتابع تطور حالة الناخب الأمريكي وتجاوبه مع الأوضاع العالمية، لا سيما توترات الشرق الأوسط وكيفية انعكاسها على تشكيل صورة الرئيس الأمريكي القادم.
يرى قشوع في حواره مع “المشهد المعاصر” أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة لن تقل أبدا عن سابقتها في الاثارة، في ظل زيادة عدد وحدت القضايا الرئيسية المطروحة للنقاش داخليا وخارجيا.
ولم يبدأ قشوع تحليله من أحداث السابع من أكتوبر الماضي وصحوة الإدارة الأمريكية على انهيار المنظومة الأمنية لحليف أمريكا الأبرز في المنطقة “الاحتلال الإسرائيلي”، بل أضاء وركز على معادلة الاقتصاد ودوره في تحريك الناخب الأمريكي.
فشل بخفض معدلات التصخم
يقول قشوع:” يبقى الاقتصاد هو الأولوية للمواطن الأمريكي للتصويت لمرشح بعينه، ولم ينجح الرئيس بايدن بخفض معدلات التضخم بالمعدلات التي كان يأملها الفيدرالي الأمريكي”.
وتابع: “استطلاعات الرأي في (ولايات الحسم) وهي ميتشغن، وبنسلفانيا، وويسكنسن، خير مثال على أولويات الناخب؛ حيث يعد 71% من الناخبين المسجلين في تلك الولايات الاقتصاد أولويتهم الأولى”.
حرب أوكرانيا المتجمدة
ولا يعد الاقتصاد الأمريكي أو توترات الشرق الأوسط العوامل الوحيدة التي تؤثر بشكل ملموس على الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، لا سيما وأن الحرب الروسية الأوكرانية لم تضع أوزارها وإن تجمدت، نسبيا بعد عامين من بدايتها.
يشير قشوع في حواره لـ”المشهد المعاصر” إلى تفاعل الناخب الأمريكي مع تلك الحرب ونظرته الشمولية لمجرياتها.
وأضاف:”بينما كان دعم بايدن الكبير لأوكرانيا في بداية الحرب الروسية الأوكرانية يشهد تأييدا شعبيا وحزبيا كبيرا من كلا الجانبين، سيما أن تلك الحرب تخاض ضد عدو الولايات المتحدة التقليدي، إلا أنها اليوم باتت تفقد زخمها بعد استمرارها لعامين، وتكلفتها الباهظة على الولايات المتحدة والتي بلغت 75 مليار دولار”.
وقال قشوع إن تراجع الحرب الأوكرانية- الروسية من على سلم اولويات الرئيس والشعب الأمريكي يعود الى الفشل الاستراتيجي الذي كانت تطمح الولايات المتحدة إلى تحقيقه، والمتمثل بتحويل أوكرانيا إلى منطقة نفوذ أمريكية متقدمة على الحدود الروسية.
وتابع:” كما تراجعت أهمية تلك الحرب بحكم أن المواطن الأمريكي قد ضاق ذرعا برؤية أموال ضرائبه تنفق على الحروب بينما اقتصاد بلاده في حالة تضخم لامثيل لها”.
وحول انعكاساتها على تشكيل صورة الرئيس الأمريكي القادم، أكد أن تلك العوامل قد تجعل من دعم إدارة بايدين لأوكرانيا نقطة نفور لدى بعض الناخبين، خصوصا من فئة الشباب، الذين يعتقدون أن الحروب لم تعد لغة صالحة لهذا العصر.
صداع غزة
اما حول المحور الأهم،” حرب غزة وتوترات الشرق الأوسط”، والذي سيكون له التأثير الأكبر على شكل الانتخابات الأمريكية، يرى قشوع أنها خلطت أوراق إدارة بايدن.
وقال:”لقد كانت احداث السابع من أكتوبر أكثر من مجرد مفاجأة غير متوقعة للرئيس بايدن الذي كان يستمتع بمشاهدة الانقسام في الحزب الجمهوري الذي وصل حد (الهلهلة) السياسية؛ عندما تم الإطالة برئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي من قبل اعضاء حزبه الموالين لترمب”.
وأضاف:”قبيل حرب غزة كانت معظم استطلاعات الرأي تؤكد ثبات نسب التصويت لبايدن لولاية رئاسية ثانية بناءً على عاملين رئيسيين، وهما انقسام النخبة الجمهورية، والموجة الترمبية داخل الحزب الجمهوري”، مشيراً إلى أن “الحزب الجمهوري لم يكن قادراً على فرز مرشح قادر على هزيمة ترمب وبايدين سوية ولم تكن النخبة الجمهورية ترغب بعودة ترمب مرة أخرى إلى البيت الأبيض”.
وأكد أن أحداث السابع من أكتوبر قامت بتغير أولويات الرئيس التي أعلنها منذ بداية توليه منصبه، حيث ركز بايدن على الشرق الأقصى ثم أوروبا وأخيراً وضع اهتمامه بالشرق الأوسط.
وأفاد قشوع:” مع بداية إدارة بايدن تغيرت الأولويات فتصدرت أوروبا القائمة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، ونسي بايدن أنه رئيس لكل الأمريكيين وأن حزبه (الديمقراطي) مبني على دعم الأقليات، حينما قدم دعما ماليا وعسكريا سخيا للأوكرانيين”.
أما الصدمة التالية فكانت مع بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والذي لا زال مستمراً منذ سبعة أشهر، وفق قشوع.
وقال:”كان لفتح بايدن خزائن المال والسلاح الأمريكي على مصرعيها “لإسرائيل” أثر الصدمة ليس فقط على صناع القرار الأمريكي بل على الشارع الأمريكي الذي عجز أن يفهم سهولة إنفاق أموال الضرائب على الحرب الأمريكية خلف المحيطات وصعوبة إنفاق خمس هذه المبالغ على أنظمة الرعاية الاجتماعية كالتأمين الصحي والإيواء.
وذكر أن الاستهداف الهمجي الاسرائيلي للمستشفى المعمداني في غزة والذي راح ضحيته مذات المدنيين دفعة واحدة، مثّل “القشة التي قسمت ظهر بعير رئاسة بادين”، الذي اعتنق الرواية الاسرائيلة مرات عدة ومن ثم كذبها من خلال الناطقة باسم البيت الابيض.
وتابع:”مع استمرار غوص بادين في رمال الشرق الأوسط المتحركة، وفي ظل غياب الضوء في آخر النفق الذي صنعه لنفسه، ربما تكون خسارة بايدن لفترته الثانية في البيت الأبيض الثمن الذي يجب أن يدفعه نتيجة دعمه اللامشروط لنتنياهو”.
وشبه قشوع تعامل بايدن مع عدوان الاحتلال بأنه غدا رئيسا لبلدية في الأراضي المحتلة، وليس رئيسا لأمريكا، موضحاً أن بايدن” فشل في صناعة أي ضغط عكسي على اللوبي الصهيوني الذي كان الداعم الأبرز لمسيرته السياسية المستمرة منذ نصف قرن، حيث كان فيها أكثر سيناتور أمريكي تلقيا للتبرعات من اللوبي الصهيوني إلى يومنا هذا”.
ويرى قشوع أن العدوان على غزة يعتبر اليوم العنوان الأبرز لدى الناخب الأمريكي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد قامت وسائل التواصل الاجتماعي بدور هام في المعركة الإعلامية، وساهمت في تثقيف وتحول شريحة كبيرة من المجتمع الأمريكي لا سيما فئة الشباب من جيل “Z” إلى المعسكر الداعم للقضية الفلسطينية.
وأكد أن ذلك التحول سينعكس على نتائج الإنتخابات القادمة سواء اكان بالإحجام عن التصويت أو حتى بممارسة التصويت الانتقامي لصالح دونالد ترمب.
الاحتجاجات في جامعات القرار بأميركا
وشكلت الاحتجاجات التي عمّت سائر الجامعات الأمريكية تنديدا بعدوان الاحتلال صدمة جديدة لإدارة بايدن، وغدت عاملاً آخرا يؤثر على الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال قشوع في هذا السأن لـ”المشهد المعاصر”:” لا تخفى الحيرة على وجوه أعضاء إدارة بايدن عند الحديث عن الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية التي اشتعلت فيها المظاهرات والاضراب لتعم 75 جامعة أمريكية على طول الولايات المتحدة وعلى رأسها جامعات النخبة، مثل براون وهارفرد وكولومبيا التي تخرج منها أربعة رؤساء أمريكيين منهم ابن الحزب الديمقراطي باراك أوباما”.
وبين أن الجامعات الأمريكية تعد مراكز التأهيل السياسي والاقتصادي لقادة الولايات المتحدة المستقبلين، وباعتبار أن القناعات والمعرفة والصداقة التي يكونها الأشخاص تستمر معهم لبقية حياتهم في اغلب الأحوال فإن اللوبي الصهيوني بات في حالة ذعر ليس فقط على مستقبل الاحتلال، بل على مستقبل اليهود ومصالحهم داخل الولايات المتحدة، حسب قشوع.
وأكد أن الحالة التي جرت في الجامعات كشفت أن كل الأموال التي كان يتبرع بها اللوبي الصهيوني بهدف ضبط ايقاعها على النغم الصهيوني قد انتجت جيلا يمتلك من الوعي ما يكفي لمجابهة الصهيونية الأمريكية ولي ذراعها، وفق تعبيره.
وذكر أن الطلبة في الجامعات الرئيسية في أمريكا ليسوا فقط بضع مئات من المتظاهرين، بل هم قادة يعرفون أصول القانون ولعبة المال ودهاليز السياسة الأمريكية وسيشكلونها مستقبلا.
العرب في أمريكا وخيارات صعبة
قشوع تطرق إلى نقطة هامة قد تلعب دورا بارزا في سباق الإنتخابات الأمريكية والمتمثلة بالجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وطرح خلال حديثه سؤالاً إن كان العرب والمسلمين في الولايات المتحدة سيصطفون مع ترمب لممارسة نوع من أنواع الاحتجاج على سياسات بادين الذي مول ورعى همجية اسرائيل في حربها على الفلسطينيين؟ ام أن الذاكرة العربية لن تقبل بترمب الذي نقل السفارة الأمريكية للقدس وكان الداعم الأكبر لنتياهو؟
حديث قشوع أوضح أن العرب والمسلمين في لحظة حرجة حول الشخص الذي سيمنحونه أصواتهم؛ لا سيما وأن بايدن راعٍ رسمي لجرائم الاحتلال، وترمب بمثابة أبٍ روحي لنتنياهو وعراب صفقة القرن وهو الرئيس الأمريكي الذي تجرأ على الاعتراف بالقدس كعاصمة للاحتلال.
السباق لا زال في بدايته
قشوع قال إن هناك عدم وضوح في حالة الانتخابات وتوجه أصوات الناخبين الأمريكين، حيث أنّ نتائج الانتخابات التمهيدية في ولاية كـ”ميتشغن” أظهرت تصويت أكثر من مائة ألف من الديمقراطين في الولاية بخيار “غير ملتزم”، والذي يعني عدم التزام عضو الحزب بالتصويت لمرشح الحزب، في ولاية فاز بها بايدن على ترمب بأقل من اربعين ألف صوت.
وأكد قشوع أن السباق في انتخابات الرئاسة الأمريكية
لازال في مرحلة مبكرة نسبيا ولا تزال الالمشهد المعاصر ضبابية، معتبراً أن “كلا المرشحين يهرولان نحو البيت الأبيض كفرسي رهان”.