- هزّات سياسية جديدة من إيران إلى أوروبا فالوِلايات المتحدة
تتبدل الملامح السياسية في المنطقة من إيران مروراً بفرنسا وصولا الى الانتخابات المرتقبة في الولايات المتحدة الأمريكية. عين لبنانية ترصد هذه التحولات وما قد تحمله من مؤشرات جديدة خصوصاً مع ارتباط بلد الأرز بتطورات الإقليم. وتترقب هياكل الحكم أي تعديل في السياسة الإيرانية وتحديدا تجاه ذراعها الأقوى في المنطقة حزب الله أو في سياسة فرنسا الخارجية تجاه لبنان؛ وهي التي ارتبط بها عبر السنوات لقب “الأم الحنون”.
تحولات متدحرجة في مشهد المنطقة وسائر العالم لا شك أنها ستلّفح برياحها لبنان.
التطور الأول يأتي من إيران ويتمثل في انتخاب رئيس إصلاحي مسعود بزشكيان المعروف بانفتاحه واعتداله بخلاف سلفه الراحل إبراهيم رئيسي.
وتترقب دوائر رسم القرار هنا ما إذا سيطرأُ أي تعديل على السياسة الإيرانية تجاه لبنان نظراً إلى أهمية دور إيران المحوري خصوصاً من خلال ذراعها الأقوى في المنطقة “حزب الله”.
على أن مختصين في الشأن الإيراني يستبعدون حصول تغيير جوهري في الموقف الإيراني الرسمي تجاه لبنان، قبل أن يأتي الجواب على لسان بزشكيان نفسه في رسالة إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله يقول فيها إن إيران تدعم دائما مقاومة شعوب المنطقة للنظام الصهيوني غير الشرعي. ورأى مراقبون في هذا الموقف المعلن مؤشراً إلى استمرار دعم حزب الله، المتواصل منذ ميلاد هذا التنظيم عام 1982.
وتقول مصادر سياسية لـ”المشهد المعاصر” إن وصول بزشكيان الإصلاحي قد يترجم ليونة في التفاوض مع الولايات المتحدة بخصوص ملفات المنطقة وعلى رأسها غزة ولبنان. وترى أن طهران تملك ورقة القوة والضغط وبالتالي فإن أي اتفاق قادم مع واشنطن قد يصب في مصلحة محور المقاومة. وهكذا من المستبعد لي ذراع حزب الله، بل على العكس قد يثبت دوره وحضوره ليس فقط عسكرياً وإنما سياسياً في لبنان.
وهنا يستذكر مراقبون نجاح طهران في تعزيز وجودها ونفوذها ومشروعها في المنطقة في عهد الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وفي عز الانفتاح الإيراني على الغرب. وكذلك اعتراف دولي بدورها السياسي في العراق، سوريا، اليمن ولبنان في ذلك الوقت.
مع مشهد الانتخابات الإيرانية، يتابع اللبنانيون ما يجري في فرنسا، وما يهمّ الساحة اللبنانية التي تتأرجح بين الحرب واللاحرب من هذا الحدث الانتخابي الفرنسي، هو تأثيره على سياسة فرنسا الخارجية، ومن ضمنها الانعكاس المباشر على أزمات لبنان الداخلية المتنوعة، انطلاقاً من العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان بفرنسا، والدور الراعي والحاضن الذي لطالما اضطلعت به باريس.
إذ لا يمكن تأريخ السياسة الخارجية الفرنسية خصوصا خلال ولايتي الرئيس جاك شيراك من دون ذكر لبنان بوصفه ميداناً حققت فيه الدبلوماسية الاشتراكية إنجازات عديدة فعلية.
واستمر دور فرنسا الحاضن مع الرؤساء الذين تلو شيراك من نيكولا ساركوزي إلى فرنسوا هولاند وصولا الى إيمانويل ماكرون. وفي البال، سجل حافل بزيارات وقعها رؤساء فرنسيين، إلى لبنان، بعد أزمات حادة أو اعتداءات تعرض لها هذا البلد.
في مقدّمة هذه الأزمات الفراغ الرئاسي، الذي تعمل الإليزيه منذ عام ونصف على مساعدة اللبنانيين لإنهائه عبر المبعوث الرئاسي الخاص الوزير السابق جان إيف لودريان.
صحيح أن دبلوماسية ماكرون لم تنجح حتى اليوم في إحداث أي خرق في سياسات الدعم المقدمة إلى لبنان إن على مستوى الاستحقاق الرئاسي أو على صعيد الوضع في الجنوب، حيث لا تزال الورقة الفرنسية الخاصة بطرح حل سلمي عبر تنفيذ القرار 1701، عالقة في تنافس مع الوساطة الأمريكية بقيادة المبعوث آموس هوكشتاين المستمر حتى الساعة في مهمته بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية.
إيران بوجه جديد، وفرنسا بتركيبة اشتراكية وسطية مختلفة والولايات المتحدة على شفا تحولات دراماتيكية.
تختصر مصادر دبلوماسية لـ”المشهد المعاصر” الواقع بالقول إن تشابك هذه التبدلات يجعل قراءة تأثيرها على لبنان صعباً قبل اكتمال التحولات الرئاسية الكبرى.