زاوية مينا
هي أقسى لعبة، لعبة عضّ أصابع ومفادها “أحدهما سيصرخ”، بنيامين نتنياهو أم حماس، هذا ما يحدث اليوم ما بعد قرابة سنة من الحرب، وفيها:
ـ لم ينجز بنيامين نتنياهو أيّ من دوافعه في حرب غزة، فلا أفرج عن الأسرى، ولا اجتث “حماس”، أمّا عن تدمير غزة فهي خسارة للغزاويين وليست ربحاً لنتنياهو.
ـ بالنسبة لحماس لن تخسر أكثر مما خسرت، وأي تنازلات جوهرية تعني طردها من التاريخ الفلسطيني، فقد بادرت إلى حرب غزة، ربما وبواحد من دوافعها أن تنتزع التمثيل الفلسطيني من عباءة منظمة التحرير وفتح ومن الرئاسة الفلسطينية الهشّة بالأساس.
لا بنيامين نتنياهو يستطيع تقديم تنازلات دون أن تحصد حربه إنجازات سياسة من بينها استعادة المختطفين وتشبيك وضع أمني لغزة يجعلها تحت قبضته ورحمته، ولا حماس تستطيع منحه تلك الإنجازات أيّ كانت الضغوطات القطرية/المصرية عليها، فمصير حماس مرتبط بالتقليل من إنجازات بنيامين نتنياهو الذي كلما ارتفعت مكاسبة تقلّصت مكاسب حماس.
ولهذا هي لعبة عضّ الأصابع مرفقة بـ :
ـ ضغط أهالي المختطفين على بنيامين نتنياهو، فمن أولادهم تحت رحمة الموت لن يتسامحوا مع تخلي بنيامين نتنياهو عن أبنائهم أيّ كانت مبرراته، وكلنا نشاهد حجم التظاهرت الإسرائيلية المطالبة بتحرير هؤلاء من قبضة حماس.
بالنسبة للغزاويين فما هي الحرب سوى المزيد من الدمار، هي حرب منتجها المزيد من الغرق لبشر غارقون مرتين، مرة في ظل حكم وسلطة حماس، وثانية في ظل الاجتياح الإسرائيلي لموطنهم بما يعني نكبة جديدة ستضاف إلى سلسلة نكبات قد تودي بهم إلى فقدان موطنهم وتركهم نهباً لخيمة في العراء.
هي لعبة عضّ أصابع يخسر بها من يصرخ أولاً، وكلا “المتعاضين” يتحاشون السقوط في المباراة، فيما يقف العالم على قدم واحدة وقد وضع على حافة حرب إذا ما امتدت أكثر فقد تنتهي إلى حرب عالمية جديدة محاورها:
ـ حماس مستندة إلى طهران.
ـ حكومة نتنياهو وسط دعم غربي منقطع النظير، على رأسه الإدارة الامريكية.
“حماس” تدرك بالملوس أن الإيرانيين يحتكمون إلى البازار وشروط البازار وليس إلى اشتراطات القيم والمبادئ والعقائد التي لن يكونوا حريصين عليها إن لم تنوافق وشروط السوق، فيما الإدارة الأمريكية بالمقابل ستهتز إن لم تتقبّل مقايضة إسرائيل بدخولها الحرب بمواجهة طهران.
كل الخارطة تفيد بما يمكن اختزالة بـ :”الاستعصاء” فإذا ما استمر الاستعصاء فليس ثمة ما يحول دون امتداد الحرب وإلى المزيد من الدمار.
دمار يلحق بإسرائيل، بوسع إسرائيل ترميمه تبعاً للدعم الدولي الهائل الذي تحظى به.
ودمار “حماس”، التنظيم الذي يمكن وصفه بـ “بلا آباء”، فالملالي قادرون على لعب دور “زوج الام” ولن يكون بمقدورهم أن يكونوا آباء، فيما سيكون متاحاً للإسرائيليين الكثير من الآباء.
يحدث ذلك، ومع كل يوم يمضي ترتفع حدة الاستعصاء.