مرصد مينا
لن يكتمل مشروع الولي الفقيه بلا محمد سعيد الصحّاف، فالبهورة الإعلامية مازالت قاصرة عن تلبية المشروع الإيراني الذي لم ينتصر لحليف إلاّ وأغرق حليفه ليزيد الهزيمة هزائم.
هذا إذا ميزنا بما يخضع للغة الحساب ما بين حقائق الهزيمة وأوهام الانتصار، فالنصر الإيراني في سوريا ولحساب بشار الأسد، كانت نتائجه تدمير البلد بما لا يسمح بالقول أنه انتصاراً، بما يستدعي تالياً سؤال :
ـ الانتصار على من؟
انتصار العصابة على الدولة واختطافها؟
هذا ليس انتصاراً، وكذا حال اليمن وحال خراب العراق، وأخيراً توريط حماس بما يكفي لإنجاز آلاف الضحايا من الغزاويين وإزالة غزة عن خرائط العمار، وسيضاف إلى هذا وذاك وأد أيّ احتمال باتجاه مستقبل فيه ولو ملمح من ملامح “دولة فلسطينية” حتى ولو على شبر واحد من الضفة أو غزة، وكلّها، سوريا، يمناً، عراقاً، لبناناً، برسم الخراب بانتظار سلاح الولي الفقيه لينهال على إسرائيل، لإزالة إسرائيل من الوجود، وهكذا وعد “الفقيه” فأطلق صواريخه ومسيرته من طهران باتجاه إسرائيل بنتائج تقول أنه لم يصل صاروخ واحد لأراضي إسرائيل أو منشآت إسرائيل أو سلاح إسرائيل، وكل ما أنجزه إصابة شظية لفتى بدوي من الأردن بنثرات مسيراته التي أسقطتها إسرائيل في الحيّز الأردني من “المعركة”، دون نسيان أن هيبة “الولي الفقيه”، لابد وتحوّلت إلى كوميديا بكل ماتحمله كوميديا الإضحاك، في مناخ هو ذروة تراجيديا التاريخ التي تشهدها غزة، والتي صاغت للقتل ألف لون ولون، حتى بات القتل مألوفاً بما لم يعد يستدعي متابعة الأخبار، وهي حرب برمتها منتج تورط حماس بالاصغاء للولي الفقيه، الذي يلوّح بمقلاع لا صوفها من أغنامه ولا أحجارها من أرضه، بل هي مقلاع من دماء الفلسطينيين وعظام الفلسطينيين، وكذا الحال مع لبنان وحزب الله، وقد تقاطر ضحاياه إلى معركة تؤصّل لاحتلال مكان احتلال، بما يجعل الإيراني يحل محل الإسرائيلي، مستعمِراً مكان مُستعمِر، واحتلالاً مكان احتلال، مع سلسلة من جرائم الخطف والاغتيال، وتحويل بلد من “رسالة في التاريخ” إلى ساحة للصراع، نصف شعبها على بوابات الهجرة، ونصفه الآخر بالانتظار.
أطلق الولي الفقيه مسيراته وصواريخه على إسرائيل، فانطفأت صواريخه ومسيراته فوق العراق والأردن ولم تُصِب سوى:
ـ صبي بدوي عربي ينتظر مرعى لأغنامه التي يُطلق عليها باللهجة البدوية:
ـ الحلال.
والنتيجة وكسة تتلو نكسة، وكما يقلو عبد الوهاب:
الموجة تجري وراء الموجة.