المشهد المعاصر | تصعيد خطير.. الكنيست يناقش إعادة احتلال “قبر يوسف” عسكريا في نابلس

12 يونيو 2025Last Update :
المشهد المعاصر | تصعيد خطير.. الكنيست يناقش إعادة احتلال “قبر يوسف” عسكريا في نابلس

  • يقع “قبر يوسف” شرق مدينة نابلس ويُعد موقعاً دينياً له قدسية لدى  المستوطنين اليهود

في تصعيد خطير يهدد بتفجير الأوضاع في الضفة الغربية، يُخطط قادة الاستيطان اليهودي لاستغلال العملية العسكرية الواسعة التي ينفذها الاحتلال حالياً في مدينة نابلس، لاستعادة السيطرة الدائمة على منطقة “قبر يوسف” التي تُعد نقطة توتر تاريخية دائمة. 

هذا الموقع، الذي شهد العديد من الاشتباكات والمواجهات وسقوط عدد من الشهداء الفلسطينيين، يُناقش مصيره مجدداً في الكنيست بعد 25 عاماً من تسليمه للسلطة الفلسطينية.

“قبر يوسف”: نقطة خلاف تاريخية

يقع “قبر يوسف” شرق مدينة نابلس، ويُعد موقعاً دينياً له قدسية لدى  المستوطنين اليهود الذين يزعمون أنه يضم رفات النبي يوسف عليه السلام. 


في المقابل، يؤكد أهالي نابلس أن القبر “حديث نسبياً، ودُفن فيه رفات يوسف دويكات، وهو رجل من صالحي المسلمين”. 

ويرى الفلسطينيون أن الاحتلال يزعم قدسيته لكي يحتفظ به ضمن أي تسوية، وليتخذه موقعاً استراتيجياً على مشارف نابلس، رغم كونه إرثاً إسلامياً مسجلاً لدى دائرة الأوقاف الإسلامية.

كان القبر قد تحوّل إلى موضوع خلاف رئيسي خلال مفاوضات اتفاقيات “أوسلو” عام 1993، حيث أصر الاحتلال على إبقائه ضمن المناطق الخاضعة لسيطرته، ليصبح بمثابة جيب له داخل مدينة نابلس. 

وشهدت المنطقة مواجهات دامية أدت إلى احتراق جنود من الاحتلال داخله مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، ومقتل جندي لاحقاً، مما أدى إلى انسحاب الاحتلال منه، على أن تُحافظ السلطة الفلسطينية عليه وتسمح بزيارات يهودية منسقة.

الكنيست يناقش الاستيطان مجدداً

بعد سنوات من مطالبة اليمين المتطرف بإعادة احتلال “قبر يوسف”، تناقش لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم الخميس المسألة، مستغلين العملية العسكرية لجيش الاحتلال في نابلس.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن لجنة فرعية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بقيادة النائب تسفي سوكوت (من حزب الصهيونية الدينية)، 

ستعقد جلسة طارئة لمناقشة مصير القبر ووضعه في اتفاقيات “أوسلو” للسلام. الهدف المعلن هو “تطبيق الاتفاقيات” وإبقاء دائم لجنود الاحتلال في الموقع.

وستُعقد الجلسة بمشاركة ممثلين عن جيش الاحتلال، وأجهزة أمنية، ورئيس “مجلس شومرون الاستيطاني” يوسي داغان، وهو مسؤول كبير في حزب “الليكود” الحاكم.

وستُعرض مواقف الجهات الأمنية بشأن الوجود الدائم لجنود الاحتلال في “قبر يوسف” والتبعات الأمنية المحتملة لهذه الخطوة، إضافة إلى ردود فعل دولية محتملة.

مساعي المستوطنين لـ”الوجود الدائم”

يعمل قادة المستوطنين على صياغة رأي قانوني مفاده أن الوجود الدائم في القبر يُعد مصلحة أمنية لكيان الاحتلال. وتأتي هذه المناقشة على خلفية العملية العسكرية الجارية في نابلس، والتي أطلقها الاحتلال الثلاثاء في حي القصبة (البلدة القديمة) بمشاركة كتيبتي احتياط ووحدة “دوفدوفان”، مدعية أنها تستهدف بنى تحتية في المدينة.

وفي إطار العملية الذي شنها الاحتلال قبل يومين في مدينة نابلس، استشهد شقيقان فلسطينيان يوم الثلاثاء، وأصيب جنود من الاحتلال.

هذه العملية تعد جزءاً من عملية “الجدار الحديدي” المستمرة منذ 21 يناير (كانون الثاني) في شمال الضفة الغربية، والتي استهدفت مخيمات جنين وطولكرم. 

وكشفت “يديعوت أحرونوت” أنه في إطار هذه العملية، تمركزت قوات الاحتلال بشكل دائم في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، ويأمل المستوطنون أن ينطبق الأمر نفسه على “قبر يوسف” في نابلس.

“ثورة” استيطانية لتغيير “دي إن إيه” المنطقة

لطالما طالب غلاة اليهود المتطرفون، منذ انسحاب الاحتلال من القبر عام 2000، باستعادته من السلطة الفلسطينية بالقوة وإخضاعه بالكامل لجيش الاحتلال.

وقد نظموا عدة اقتحامات متكررة دون أي تنسيق، مما أدى في بعض الحالات إلى مقتل مستوطنين في الموقع.

وفي فبراير (شباط) الماضي، كشفت “يديعوت” أن قادة الاستيطان اليهودي يعملون على الدفع باتجاه وجود استيطاني دائم في “قبر يوسف”، 

باعتبار الفرصة سانحة للاستيلاء على المكان بعد مرور 25 عاماً على الانسحاب. ويقود هذه المساعي شخصيات بارزة في الحركة الاستيطانية، من بينها الحاخام دودو بن نتان، ويوسي داغان، والنائب تسفي سوكوت.

وقال عضو الكنيست سوكوت إن “إعادة الوجود اليهودي في قبر يوسف) ضرورية من منظور أمني وسياسي وتاريخي. وسنعمل بكل الطرق لتحقيق هذا الهدف”، بالإضافة إلى إعادة بناء مدرسة دينية في المكان كانت قد أنشئت عام 1986.

تداعيات “الفوضى الحقيقية” وردود الفعل الدولية

تحذر “يديعوت أحرونوت” من أن هذه الخطوة الدراماتيكية قد تُحدث “فوضى حقيقية”، لأنه من الصعب معرفة رد فعل الجهات الدولية على هذه الخطوة، التي قد تُعدّ انتهاكاً للاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية، وتقويضاً مباشراً لحكم السلطة الفلسطينية الذي تحاول إعادة بنائه في نابلس.

لكن وزيري الدفاع يسرائيل كاتس، والمالية بتسلئيل سموتريتش، لا يُلقيان بالاً للانتقادات الدولية؛ حيث قادا سلسلة من التحركات الجذرية في الضفة الغربية بالتنسيق مع قادة المستوطنين، بهدف تعزيز الاستيطان. وكان آخرها الاعتراف بالمستوطنات التي تم إخلاؤها ضمن خطة فك الارتباط في شمال الضفة والعودة إليها. واعترف سموتريتش بأنه يقود “ثورة في الضفة من شأنها تغيير ‘دي إن إيه’ المنطقة، نحو سيطرة إسرائيلية مطلقة، ودفع مئات آلاف المستوطنين للاستيطان في المنطقة بوصفهم ‘درع الاحتلال’.”

Breaking News