المشهد المعاصر | المغتربون و”الاسثتمار”.. دعم جديد للاقتصاد السوري

14 يونيو 2025Last Update :
المشهد المعاصر | المغتربون و”الاسثتمار”.. دعم جديد للاقتصاد السوري

  • الحكومة السورية تحظى بدعم عربي سخي بعد رفع الولايات المتحدة العقوبات 

رغم تزاحم المشكلات الداخلية في سوريا ما بعد الأسد، تبدو البلاد على أعتاب مرحلة جديدة تُبشر السوريين بمستقبل أفضل، خصوصا في ظل اهتمام كبير من الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص لدعم سوريا حتى تقف على قدميها مرة أخرى.


ولدعم حكومتها الانتقالية لتصحيح الأوضاع بعد سنوات الحرب الأهلية التي دمرت البنية التحتية والاقتصاد وجعلت البلاد تتخلف تدريجيا عن ركب التقدم والازدهار. تحظى الحكومة السورية الحالية بدعم عربي سخي، خاصة بعد رفع الولايات المتحدة العقوبات التي كانت قد وقعتها على سوريا في ظل فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد الذي سقط نظامه في ديسمبر الماضي.

الاندماج في النظام العالمي

كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز”، الإثنين 9 يونيو، عن ربط سوريا مرة أخرى بشبكة “سويفت” الدولية للمدفوعات، بعد أكثر من عقد من ابتعاد البلاد عنها بسبب العقوبات الغربية التي فصلت النظام المصرفي السوري عن العالم.

ويأتي عودة سوريا إلى نظام “سويفت” ضمن عدة خطوات لإعادة دمج البلاد في النظام المالي العالمي، وفقا لإعلان محافظ المصرف المركزي السوري الجديد، عبد القادر الحصرية، الذي قال: “سوريا ستربط بالكامل بنظام سويفت للمدفوعات الدولية خلال أسابيع قليلة، مما يعني ربط البلاد بالاقتصاد العالمي بعد 14 من الحرب والعقوبات تسببت في شلل كبير للاقتصاد”.

وتأتي خطوة العودة إلى نظام “سويفت” ضمن خطط الحكومة السورية لإجراء إصلاحات اقتصادية من أجل جذب التجارة والاستثمار إقليميا وعربيا ودوليا، استجابة لرفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على دمشق الشهر الماضي، مما يتيح الكثير من فرص الاستثمار، ويعزز الثقة بالإدارة السورية الجديدة.

وعلق رئيس البنك المركزي السوري قائلا: “نأمل في إعادة تدفق الاستثمار الأجنبي، وإزالة العوائق أمام التجارة، لنحقق الاستقرار لعملتنا المحلية، ونواصل إصلاح القطاع المصرفي، وهدفنا الدائم هو تعزيز صورة البلاد كمركز مالي، خاصة أننا نتوقع استثمارات أجنبية ضخمة في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية في الفترة المقبلة، ورغم تقدمنا الكبير، ما زلنا بحاجة إلى الكثير من العمل”.

ونجحت الإدارة السورية الجديدة في إجراء إصلاحات شاملة للاقتصاد خلال الأسابيع الماضية، بعد أن خضعت الدوائر المالية إلى سيطرة مشددة في فترة نظام الأسد، وتعتمد سوريا في الفترة المقبلة على تهيئة البلاد لجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على وجه الخصوص

وسعت قوى عالمية وإقليمية لدعم استقرار سوريا من خلال محادثات مع الشرع، ومنحته دعما كبيرا في مايو الماضي، تزامنا مع رفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب العقوبات المفروضة على البلاد، لكن الحصرية قال إن بلاده ما زالت بحاجة إلى “تحول شامل في السياسات، ورفع انتقائي للعقوبات الأخرى، على أن يكون التنفيذ شاملا وليس عشوائيا”.

وستعني خطوة عودة سوريا إلى نظام “سويفت” تمكين المصارف المحلية من إرسال واستقبال الأموال من وإلى كافة دول العالم بسهولة وبلا قيود، مما يعني تدفق الاستثمارات وجعل عملية التجارة والاستيراد والتصدير أكثر سهولة.

دعم المغتربين

سيمكن النظام الجديد للتحويلات في المصارف السورية، كافة المغتربين حول العالم من إرسال الأموال إلى عائلاتهم وذويهم داخل سوريا من خلال القنوات الرسمية، مما سيوفر العملة الصعبة إلى البلاد التي تئن من نقص العملات الأجنبية بعد أن مزقتها الحرب.

وكشفت صحيفة “لاكروا” الفرنسية، في ديسمبر الماضي بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، أن هناك ما يزيد عن 6.2 مليون مواطن سوري مغتربين في بلاد مختلفة حول العالم، بعضهم يرغب في العودة بعد استقرار البلاد، والبعض الآخر يفضل الاستمرار في الخارج والعودة إلى بلاده في زيارات فقط.

وأكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ديسمبر الماضي، إن ما يقرب من ثلث سكان سوريا خرجوا من بلادهم إلى الدول المجاورة، نصفهم تقريبا في تركيا ما يعادل نحو 3 ملايين مواطن، و775 ألفا في لبنان، وأكثر من 600 ألف في الأردن، ومئات الآلاف في العراق ومصر، بالإضافة إلى الآلاف في دول أوروبية مختلفة على رأسها ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك وبلجيكيا وفرنسا والنرويج.

لكن الملايين من المغتربين السوريين لم يتمكنوا خلال السنوات الماضية من إرسال الأموال عبر القنوات والمصارف الرسمية إلى بلادهم، بسبب عزل الاقتصاد السوري ونظامه المالي حول العالم، مما جعل حكومة الأسد تجرم تداول العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأميركي، ليضطر الشعب إلى تسميته بأسماء أخرى مثل “الأخضر، والنعناع”، لصرف أنظار الرقابة الأمنية المشددة المفروضة على تعاملات العملات الأجنبية.

وتحظى الدول العربية بأعداد هائلة من المواطنين السوريين الذين يعملون ويعيشون في استقرار كامل فمثلا تستضيف الإمارات العربية المتحدة 350 ألف مواطن سوري فوق أراضيها، لكنهم لم يكن بمقدورهم إرسال التحويلات أو السفر بشكل مباشر إلى بلادهم، لكن هذا الأمر تغير بقرارات جديدة أصدرتها الحكومة الإماراتية، بإعادة الطيران المباشر من أراضيها إلى دمشق، لتمكن المقيمين السوريين بها من الذهاب والعودة إلى بلادهم بحرية وسهولة أكبر.

ومع توجه أبو ظبي الواضح لدعم نهضة سوريا الجديدة يمكن أن تحظى دمشق بفرصة كبيرة

للاستفادة من الخبرات الاماراتية في النهوض الاقتصادي والاجتماعي والعلمي

وتُظهر دولة الإمارات العربية المتحدة التزامًا واضحًا بدعم سوريا الجديدة في مسارها نحو الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مستفيدة من خبراتها الرائدة في بناء اقتصادات حديثة ومتنوعة. هذا الدعم تجلى في مبادرات دبلوماسية واستثمارات ضخمة تهدف إلى إعادة إعمار البنية التحتية السورية وتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين، مما يُتيح لدمشق فرصة استثنائية للاستفادة من النموذج الإماراتي الناجح.

Breaking News