بعد تنفيذ كيان الاحتلال عدواناً عسكرياً واسع النطاق على إيران مؤخراً، دخل الصراع بين الطرفين مرحلة جديدة من المواجهة المباشرة بعد عقود من الحرب بالوكالة.
هذا التصعيد يطرح تساؤلات حيوية حول مدى القدرات العسكرية لكل من إيران وكيان الاحتلال، ومن يملك التفوق على الآخر في هذا الصراع المتصاعد.
القوات البشرية: الأعداد الكبيرة مقابل الجاهزية العالية
وفقًا لتقارير المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية (IISS) لعام 2023، تتفوق إيران بشكل كبير في عدد القوات العسكرية:
إيران: تملك 610 آلاف فرد من القوات العسكرية النشطة، منهم 350 ألفًا في الجيش، و190 ألفًا في الحرس الثوري (بما في ذلك 18 ألفًا في القوات البحرية، 37 ألفًا في القوة الجوية، و15 ألفًا في الدفاعات الجوية). إضافة إلى جيش احتياط يضم 350 ألف شخص.
كيان الاحتلال: يملك 169 ألفًا و500 فرد من القوات العسكرية النشطة، منهم 126 ألفًا في الجيش، و9 آلاف و500 في القوة البحرية، و34 ألفًا في القوة الجوية. ويضم جيش الاحتياط لديه 465 ألف شخص.
تُظهر الأرقام تفوقًا عدديًا إيرانيًا في القوات العاملة، بينما يتميز كيان الاحتلال بقوات احتياط كبيرة يمكن تعبئتها بسرعة.
الكلف العسكرية: فجوة كبيرة في الإنفاق
تكشف بيانات مؤسسة أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم (SIPRI) عن فجوة كبيرة في الإنفاق العسكري بين الطرفين في عام 2023:
إيران: أنفقت 10.3 مليار دولار، بزيادة 0.6% عن عام 2022.
كيان الاحتلال: أنفق 27.5 مليار دولار في هذا المجال، مما يعني زيادة بنسبة 24% مقارنة بعام 2022. كما شهدت نسبة الإنفاق العسكري لكيان الاحتلال بعد هجمات السابع من أكتوبر 2023 ارتفاعًا ملحوظًا.
هذا الفارق الكبير في الميزانيات يعكس مستوى الاستثمار في التكنولوجيا العسكرية والتحديث.
القوات البرية: تفوق إيراني في العدد
إيران: تملك 10 آلاف و513 دبابة وأكثر من 640 مدرعة.
كيان الاحتلال: تملك 2200 دبابة حربية وأكثر من 1190 مدرعة و530 مدفعًا من مختلف الأنواع والقدرات.
هذا التفوق الإيراني في أعداد الدبابات والمدرعات يشير إلى قدرات برية ضخمة.
القوة الجوية: كيان الاحتلال يمتلك أسطولاً أحدث وأكثر تطوراً
إيران: يملك الجيش الإيراني 312 مقاتلة ويملك الحرس الثوري 23 منها. كما يمتلك الجيش 52 مروحية مقاتلة، وخمس مروحيات للحرس الثوري. لكن الأسطول الجوي لإيران يُعتبر قديمًا ومهترئًا، فغالبية المقاتلات التي تملكها تعود لأجيال قديمة.
كيان الاحتلال: يمتلك 581 مقاتلة ومن أهمها طائرات “أف 16″، “أف 15″، و”أف 35” الحديثة. كما يمتلك نحو 43 مروحية هجومية أبرزها طائرات “الأباتشي”.
هذا يشير إلى تفوق نوعي كبير لكيان الاحتلال في القوة الجوية، من حيث التكنولوجيا وحداثة الطائرات.
القوة البحرية: تفوق إيراني في الغواصات وكيان الاحتلال في السفن القتالية
إيران: تملك 17 غواصة تكتيكية و68 سفينة دورية وحربية ساحلية، وسبع بوارج، و12 سفينة، و11 ناقلة، و18 مجموعة دعم لوجيستي.
كيان الاحتلال: تملك خمس غواصات و49 سفينة دورية وحربية.
تمتلك إيران أعدادًا أكبر من الغواصات والسفن، بينما يركز كيان الاحتلال على نوعية وحداثة أسطوله البحري.
الدفاعات الجوية: القبة الحديدية وتكنولوجيا الرصد المتقدمة
كيان الاحتلال: تعول في دفاعاتها الجوية على القبة الحديدية التي أظهرت فعاليتها في رصد وإسقاط غالبية الصواريخ التي أطلقتها إيران نحو كيان الاحتلال. هذه المنظومة مجهزة برادارات تكشف عن اتجاه الصواريخ وترسل معلومات حسابية مباشرة في ما إذا كانت الصواريخ تشكل خطرًا على المدن في كيان الاحتلال، وتسمح هذه الدفاعات بسقوط الأجسام التي لا تشكل خطرًا في الصحراء وتدمر الأجسام التي تشكل خطرًا جادًا، ولكل منظومة 20 صاروخًا.
وتنشر كيان الاحتلال 10 قباب حديدية في أنحاء البلاد، كما لديها منظومات أخرى تتمتع بإمكان رصد الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، من بينها منظومة الدفاع “ديفيد سلينغ” (David’s Sling) التي تضم صواريخ تتبع أهدافها على مدى 40 و300 كيلومتر.
ولديها أيضاً منظومة السهم (Arrow System-1,2,3,4) التي ترصد صواريخ بعيدة المدى بين 400 و2000 كيلومتر.
كما زودت الولايات المتحدة الأمريكية كيان الاحتلال بمنظومتي “Patriot” و”THAAD”.
إيران: تمتلك إيران مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع الجوي، بعضها مطور محليًا والبعض الآخر روسي الصنع (مثل S-300)، ولديها كذلك عدد كبير من منظومات الدفاع الصاروخي أرض – جو تشمل 42 منظومة “أس-200″ و”أس-300” روسية الصنع ومنظومة محلية الصنع يطلق عليها اسم “باور 373”.
إضافة إلى ذلك، تملك إيران 59 منظومة صواريخ أرض – جو متوسطة المدى من نوع “أم آي أم 23 هوك” (MIM-23 Hawk) و”أتش كيو 2 جي” (HQ-2J) ومنظومة “موردان 15” محلية الصنع، فضلاً عن 279 منظومة دفاعية صينية الصنع.
وأعلنت إيران في فبراير (شباط) الماضي تشغيل منظومة “أذرخش” الدفاعية، وهذه المنظومة يمكن تركيبها على الشاحنات الثقيلة وتضم نظام رصد يتتبع الأهداف.
الصواريخ الباليستية: قدرات ردع متبادلة
إيران: وفقاً للتقارير، تملك إيران 12 نوعاً مختلفاً من الصواريخ الباليستية متوسطة وقصيرة المدى، من بينها صاروخ “تندر 69” ويبلغ مداه 150 كيلومتراً، وصاروخا “خورمشهر” و”سجيل” ويبلغ مداهما 2000 كيلومتر.
كيان الاحتلال: تملك على الأقل أربعة أنواع من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ويبلغ مداها 280 كيلومتراً و4800 كيلومتر و6500 كيلومتر.
القدرات النووية: توازن القوى المتغير
كيان الاحتلال: وفقاً لتقرير لجنة احتواء السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية، تُقدر الصواريخ النووية لدى كيان الاحتلال بـ90 رأساً نووياً.
إيران: لا تملك إيران كما يبدو سلاحاً نووياً، لكن لديها برنامجاً نووياً متطوراً ومنشآت نووية ومراكز بحثية في عدد من المناطق في البلاد. وعلى الرغم من أن مرشد النظام علي خامنئي أفتى في وقت سابق بحرمة إنتاج الأسلحة النووية، إلا أنه خلال الأشهر الماضية هددت إيران باحتمال تغيير سياستها النووية إذا ما واجهت تهديداً وجودياً.
توازن قوى معقد
تُظهر المقارنة بالأرقام أن كلا الطرفين يمتلك قدرات عسكرية كبيرة، لكن بنقاط قوة مختلفة. تتمتع إيران بتفوق عددي في القوات البشرية وبعض المعدات البرية والبحرية، بينما يمتلك كيان الاحتلال تفوقًا نوعيًا وتكنولوجيًا في القوة الجوية وأنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، بالإضافة إلى ميزانية عسكرية أعلى بكثير. هذا التوازن المعقد للقوى يُشكل تحديًا كبيرًا للمنطقة في ظل التوترات المتصاعدة.