المشهد المعاصر | الأردن.. حماية السيادة وإدانة العدوان دبلوماسيًا

23 يونيو 2025Last Update :
المشهد المعاصر | الأردن.. حماية السيادة وإدانة العدوان دبلوماسيًا

  • موقف الأردن من الصراع الإيراني “الإسرائيلي”: سياسة النأي الحذر وحماية السيادة الوطنية

عبدالله المومني – في قلب العاصفة الإقليمية التي أثارتها المواجهة المباشرة بين إيران “وإسرائيل”، يجد الأردن نفسه وهو يطبق استراتيجية دقيقة ومتجذرة في تاريخه وهي سياسة تهدف إلى تحصين المملكة من نيران الصراع عبر حماية سيادتها بالقوة، مع التمسك بالدبلوماسية وإدانة أي عدوان ينتهك القانون الدولي.

هذا الموقف المزدوج، الذي قد يبدو متناقضًا للبعض، يعكس عقيدة السياسة الخارجية الأردنية التي تضع المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار، وتتعامل مع كل تهديد وكل طرف وفقًا لأفعاله على الأرض.


السيادة أولاً: لا مجال جوي لصراعات الآخرين

الركيزة الأولى للموقف الأردني كانت واضحة وحاسمة: حماية سيادة المملكة وأمن مواطنيها هو خط أحمر.

وقد ترجم هذا المبدأ إلى إجراءات عملية عندما تم إغلاق المجال الجوي الأردني واعتراض عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ التي انتهكت الأجواء الأردنية خلال الهجمات الأخيرة.

وأكد مسؤولون أردنيون، على رأسهم جلالة الملك عبد الله الثاني، أن “الأردن لن يسمح بأن يكون ساحة لصراع الآخرين”.

وفي هذا السياق، أوضح مدير الإعلام العسكري، العميد الركن مصطفى الحياري، أن اعتراض أي أجسام تخترق الأجواء الأردنية هو حق سيادي وضرورة لحماية المواطنين، خاصة مع سقوط شظايا بعض المقذوفات في مناطق مأهولة، مؤكدًا أن هذا الإجراء الدفاعي يتم بغض النظر عن مصدر التهديد أو وجهته.

المسار الدبلوماسي: إدانة العدوان والدعوة للتهدئة

بالتوازي مع الإجراءات الدفاعية الصارمة، تحركت الدبلوماسية الأردنية على مسار آخر، حيث دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين “العدوان الإسرائيلي على إيران”، محذرة من “التداعيات الكارثية للتصعيد الخطير” في المنطقة.

هذه الإدانة لا تمثل انحيازًا لطهران، بقدر ما تمثل تمسكًا أردنيًا بمبادئ القانون الدولي التي ترفض انتهاك سيادة الدول.

ومن خلال هذا الموقف، يسعى الأردن للحفاظ على مصداقيته كوسيط وكصوت للاعتدال، مؤكدًا أن الحلول العسكرية لن تجلب الاستقرار، وأن العودة إلى المسار السياسي هي المخرج الوحيد للأزمة.

عقيدة تاريخية في إدارة الأزمات

إن سياسة “النأي الحذر” ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لنهج براغماتي انتهجه الأردن تاريخيًا في التعامل مع عواصف المنطقة.

ففي أزمات سابقة، مثل حرب الخليج الثانية عام 1990 وحرب العراق عام 2003، أظهر الأردن قدرة على الموازنة بين مواقفه المبدئية المعلنة، ومتطلبات الحفاظ على أمنه وعلاقاته الاستراتيجية، حتى لو بدا الموقف متناقضًا في حينه.

التداعيات الداخلية.. لماذا الاستقرار الإقليمي ضرورة أردنية؟

يدرك الأردن أكثر من غيره أن أي تصعيد إقليمي له كلفة باهظة على استقراره الداخلي.

فالاقتصاد الأردني، الذي يعتمد بشكل كبير على قطاعات حساسة مثل السياحة، هو أول المتضررين من أي توتر أمني.

كما أن الأردن، كمستورد للنفط، يتأثر مباشرة بأي ارتفاع في أسعار الطاقة العالمية.

إلى جانب ذلك، فإن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن أزمات اللجوء السابقة، والتحديات الأمنية على حدوده، تجعل من التهدئة الإقليمية ضرورة وطنية ملحة، وليس مجرد خيار دبلوماسي.

في المحصلة، يعكس الموقف الأردني الحالي استراتيجية بقاء متكاملة، توازن بين الحزم العسكري في حماية حدودها، والمرونة الدبلوماسية في الدعوة إلى السلام، مدركةً أن أفضل طريقة لإخماد الحرائق المجاورة هي منع وصول شراراتها إلى الداخل.

Breaking News