- تسبب بتشريد ما يقارب 300 ألف شخص وتدمير آلاف الوحدات السكنية والتجارية
أحيا اللبنانيون اليوم الذكرى السنوية الخامسة لانفجار مرفأ بيروت المروع، في يوم حداد وطني خيم عليه الحزن والغضب، مجددين مطالبتهم بالعدالة وكشف الحقيقة الكاملة وراء الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 220 شخصًا وجرحت الآلاف وشردت مئات الآلاف من سكان العاصمة.
ففي تمام الساعة السادسة وسبع دقائق مساءً، وهو التوقيت الذي وقع فيه الانفجار في الرابع من آب/أغسطس 2020، توقفت الحياة في بيروت لدقيقة صمت، وعلت أصوات أجراس الكنائس وآذان المساجد، بينما انطلقت مسيرات حاشدة من مناطق متفرقة من العاصمة باتجاه المرفأ المنكوب، حاملة صور الضحايا واللافتات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة.
وقد شهدت المناسبة فعاليات رسمية وشعبية واسعة، حيث تم تنكيس الأعلام على المؤسسات الرسمية، وأقيمت الصلوات والقداديس على أرواح الضحايا. كما أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية عن إدراج إهراءات القمح المتضررة في المرفأ على لائحة المباني التاريخية، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على ذاكرة المكان كشاهد على حجم الكارثة.
خلفية المأساة
تعود جذور المأساة إلى سنوات من الإهمال وسوء الإدارة، حيث تم تخزين حوالي 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت لسنوات دون أي إجراءات وقائية.
وفي يوم الرابع من أغسطس 2020، اندلع حريق في المستودع أدى إلى انفجار هائل، صُنف كأحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، وتسبب في دمار هائل في المرفأ والأحياء المحيطة به، وامتدت آثاره لتطال نصف العاصمة بيروت.
أدى الانفجار إلى مقتل أكثر من 220 شخصًا، بينهم رجال إطفاء وموظفون في المرفأ وسكان من مختلف الجنسيات، وإصابة ما يزيد عن 7000 آخرين، بعضهم بإعاقات دائمة.
كما تسبب بتشريد ما يقارب 300 ألف شخص وتدمير آلاف الوحدات السكنية والتجارية، وقُدرت الخسائر المادية بمليارات الدولارات، مما فاقم من الأزمة الاقتصادية والمالية التي كان يمر بها لبنان.
مسار التحقيق المتعثر
بعد خمس سنوات على الانفجار، لا يزال التحقيق العدلي يراوح مكانه وسط تدخلات سياسية وعراقيل قضائية حالت دون الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.
وقد واجه المحقق العدلي في القضية، القاضي طارق بيطار، حملة سياسية شرسة ودعاوى قضائية متعددة من قبل سياسيين ومسؤولين أمنيين سابقين استدعاهم للتحقيق، مما أدى إلى تعليق التحقيق مرارًا وتكرارًا.
ورغم كل العقبات، شهدت الأشهر القليلة الماضية بصيص أمل مع استئناف القاضي بيطار لتحقيقاته وإنهاء استجواب المدعى عليهم، مما أعاد بعض الزخم للملف وأحيا آمال أهالي الضحايا بقرب صدور القرار الاتهامي.
وتجددت الدعوات المحلية والدولية لضمان استقلالية القضاء اللبناني وتمكينه من إتمام مهمته دون أي ضغوط سياسية.
مطالب لا تهدأ بالعدالة
يشكل أهالي الضحايا القوة الدافعة وراء المطالبة المستمرة بالعدالة، حيث ينظمون بشكل دوري وقفات احتجاجية ومسيرات لإبقاء القضية حية في الذاكرة اللبنانية والعالمية.
وتتركز مطالبهم على كشف الحقيقة الكاملة حول كيفية وصول شحنة نترات الأمونيوم وتخزينها في المرفأ، وتحديد هوية جميع المسؤولين عن هذا الإهمال الجسيم ومحاكمتهم، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي سادت في لبنان لعقود.
ومع إحياء الذكرى الخامسة، تتجدد الآمال بأن تشكل هذه المناسبة نقطة تحول في مسار العدالة، وأن تكلل تضحيات الضحايا وصبر أهاليهم بتحقيق المساءلة التي طال انتظارها، ليكون ذلك خطوة ضرورية نحو تضميد جراح بيروت وإعادة بناء الثقة بالدولة ومؤسساتها.