المشهد المعاصر | آلام حقيقية وعلاجات افتراضية.. مرضى في الأردن يدفعون ثمن الوهم المباع على “السوشيال ميديا”

3 ساعات agoLast Update :
المشهد المعاصر | آلام حقيقية وعلاجات افتراضية.. مرضى في الأردن يدفعون ثمن الوهم المباع على “السوشيال ميديا”

  • الخشاشنة: مروجي هذه العلاجات يستغلون حاجة المرضى لحلول سريعة

بين ألم لا يحتمل وبصيص أمل كاذب، يقع العديد من المرضى في الأردن ضحايا لإعلانات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، تروج لعلاجات ومنتجات وهمية لأمراض مزمنة.

هذه الظاهرة، التي تحولت إلى تحدٍ مقلق للصحة العامة، لا تزيد المرضى إلا خيبة أمل وانتكاسات صحية، وتكشف عن فجوات رقابية في الفضاء الرقمي.

شهادات الضحايا: أمل كاذب وخسائر مضاعفة

القصص الواقعية تعكس حجم المأساة. الستينية (أم محمد)، التي تعاني من آلام الديسك، اشترت دواءً وُصف بـ “السحري” على “فيسبوك” بعد أن استبعد الأطباء خيار الجراحة، لتكتشف أن “خيط الرجاء كان مجرد دخان”.

وكذلك (حليمة) التي أنهكها السكري، انساقت وراء إعلان لدواء وهمي زاد من تدهور حالتها. أما (أم عبد الله)، فاشترت منتجاً لتخفيف الوزن عبر “إنستغرام”، لتُصدم بأن وزنها بدأ يزداد، مما دفعها للتخلص من الدواء والميزان معاً.


نقيب الأطباء يحذر: “مكونات عكسية وآثار جانبية خطيرة”

يؤكد نقيب الأطباء، الدكتور عيسى الخشاشنة، أن مروجي هذه العلاجات يستغلون حاجة المرضى لحلول سريعة، ويوظفون أساليب تسويقية مضللة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لإظهار منتجاتهم بمظهر علمي موثوق.

ويحذر الخشاشنة من أن “بعض هذه المنتجات قد تحتوي على مكونات ذات تأثير عكسي وتسبب آثارًا جانبية خطيرة مثل اضطرابات في ضغط الدم أو السكري أو حتى الجلطات”.

ويضرب مثالاً بـ “نبتة الزعرور”، التي قد تؤدي إلى ميوعة مفرطة في الدم إذا استُخدمت دون إشراف طبي، على عكس مستخلصاتها الآمنة المتوفرة في الصيدليات.

وأشار إلى أن دور النقابة يقتصر على محاسبة الأطباء المخالفين، والتنسيق مع الجهات الرسمية في الحالات الأخرى.

أطباء متخصصون يكشفون المخاطر: من التهاب السحايا إلى الفشل الكلوي

ويجمع أطباء متخصصون على خطورة هذه الظاهرة، كلٌ في مجاله:

الدكتور سعد حمدان (استشاري جراحة دماغ وأعصاب): يحذر من أن علاجات الديسك الوهمية (مثل المراهم العشبية) قد تسبب مضاعفات تمتد من تسلخات جلدية تمنع إجراء الجراحة الضرورية، إلى التهاب السحايا الذي قد يفضي إلى الوفاة.

الدكتور علي الزعبي (استشاري غدد صماء وسكري): يؤكد أن مرضى السكري الذين يتركون أدويتهم الموثوقة لتجربة هذه الخلطات يعرضون قلوبهم وكلاهم للخطر. ويروي قصة مريض استخدم علاج تنحيف من “السوشيال ميديا” فأصيب بنشاط في الغدة الدرقية، لاحتواء المنتج على دواء للغدة دون علمه.

الصيدلاني علي أبو محيميد: يشير إلى الخطر الأكبر وهو التداخلات الدوائية، حيث يمكن لهذه الخلطات أن تزيد من سمية أدوية القلب ومميعات الدم، أو أن تبطل فعالية أدوية السكري والضغط، فضلاً عن خطر احتوائها على مواد سامة للكبد والكلى أو مركبات كيميائية خطيرة وغير معلنة مثل الستيرويدات.

الجهات الرقابية توضح: دورنا محدود في فضاء “السوشيال ميديا”

ورغم خطورة الظاهرة، يبدو أن الأدوات الرقابية تواجه تحديات في الفضاء الرقمي المفتوح:

هيئة الإعلام: أوضح مديرها العام، بشير المومني، أن صلاحيات الهيئة تنحصر في مراقبة الإعلانات ضمن الجهات الإعلامية المرخصة لديها، والتي تلتزم بالتحقق من الموافقات الرسمية.

ولا تمتد صلاحياتها لمراقبة ما يُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي الشخصية.

المؤسسة العامة للغذاء والدواء (JFDA): أكدت في ردها على (بترا)، أنه يُمنع بيع الأدوية والمكملات عبر مواقع التواصل، ويجب شراؤها حصراً من الصيدليات.

وأشارت إلى أنها تقوم برصد دوري لهذه الصفحات، وتحيل المخالفين إلى وحدة الجرائم الإلكترونية، كما تلغي إجازة أي مكمل غذائي يتم الترويج له بادعاءات مضللة. ودعت المؤسسة المواطنين للإبلاغ عن أي مخالفات عبر قنواتها الرسمية.

Breaking News