- البراري: حركة حماس أبدت مرونة كبيرة من أجل وقف “العدوان الهمجي” عن الشعب الفلسطيني
أكد الخبير الاستراتيجي الدكتور حسن البراري أن هناك توافقاً عاماً بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي على المقترح الأمريكي الذي قدّمه المبعوث ستيف ويتكوف، مشيرًا إلى أن المقترح يتضمن مسألتين أساسيتين من وجهة نظر الفلسطينيين: وقف إطلاق النار – دون إنهاء الحرب – وانسحاب إسرائيلي إلى خطوط ما قبل استئناف الحرب، دون أن يشمل ذلك انسحابًا كاملًا من القطاع.
وأوضح البراري في تصريحات صحفية أن حركة حماس أبدت مرونة كبيرة من أجل وقف “العدوان الهمجي” عن الشعب الفلسطيني، معتبرًا أن حماس لم تعارض الإطار العام للمقترح، لكنها قدّمت ملاحظات على التفاصيل المتعلقة بآلية التنفيذ، منها الجدول الزمني وعدد الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.
وأضاف أن هناك تخوفًا داخل حماس من أن تكون الهدنة المقترحة مجرد غطاء لتحرير المحتجزين ثم العودة إلى الحرب، في تكرار لما يشبه “النموذج اللبناني” حيث تشن طائرات الاحتلال هجمات يومية على جنوب لبنان رغم وقف إطلاق النار.
وأشار البراري إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ينطلق من ثلاث فرضيات، أولها أن حماس هُزمت عسكريًا وبالتالي لا يحق لها وضع شروط، والثانية أن الحركة تفتقر للعمق العربي، والثالثة وجود خشية فلسطينية من المجاعة، ما يجعل تل أبيب – بحسب البراري – تعتقد أن على حماس القبول بالمقترح كما هو.
وأضاف أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لاستغلال الوضع الحالي لإطالة أمد الحرب وتحقيق أهدافه المعلنة، والتي تشمل نزع سلاح حماس وإخراجها من غزة سياسيًا، مشددًا على أن نتنياهو لا يقدّم رؤية سياسية واضحة لما بعد الحرب، وهو ما يمثل نقطة خلاف حتى داخل حكومته.
واعتبر البراري أن حماس قدّمت تنازلات لم تقدّمها منذ أشهر من أجل وقف العدوان، وهو ما يدل على مسؤوليتها، مضيفًا أن المشكلة باتت عند الاحتلال الذي لا يزال يراوغ ويماطل في التوصل إلى اتفاق حقيقي.
من جانبه، قال المحلل السياسي عمر الرحال إن الأوضاع تتجه نحو مزيد من التصعيد والقتل والدمار في قطاع غزة، في ظل انحياز أمريكي مطلق لإسرائيل، وعدم استعداد واشنطن للعب دور الضامن لأي اتفاق. وأكد أن المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل بأي اتفاق لا يتضمن وقفًا شاملًا ودائمًا للعدوان، وإعادة الإعمار، وفتح المعابر لإدخال المساعدات، ووقف الغارات، والانسحاب الكامل من القطاع.
وأشار الرحال إلى أن ما يجري في غزة ولبنان من اغتيالات وغارات واعتداءات إسرائيلية يؤكد أن الاحتلال ليس جادًا في الوصول إلى تهدئة حقيقية، لافتًا إلى أن المقاومة لا يمكنها بعد كل هذا الثمن الباهظ أن تقبل باتفاق يفتقر للضمانات.
وتابع أن الاحتلال الإسرائيلي لا يسعى للسلام، بل يواصل مشروعه الاستيطاني والتوسعي، مشيرًا إلى أن الاعتداءات على الضفة وغزة ليست مجرد ردود فعل، بل سياسة ممنهجة هدفها قهر الفلسطينيين والسيطرة الكاملة على الأرض.
وأكد الرحال أن إسرائيل ليست معنية بسلام، بل تسعى لفرض مشروع “إسرائيل الكبرى” بدعم واضح من دول غربية وعلى رأسها أمريكا، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين قدموا تنازلات كثيرة، بما في ذلك اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود، ولكن الاحتلال لم يلتزم بأي من متطلبات السلام.
ودعا الرحال إلى الاستناد على موقف جلالة الملك عبد الله الثاني وتوجيهاته، معتبرًا أن تحركه السياسي في الغرب يمكن البناء عليه لتشكيل ضغط عربي ودولي جاد لوقف الحرب، وإفشال مساعي نتنياهو لجر المنطقة إلى حرب أوسع.
وختم الرحال بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لم يعد يملك ما يقدمه من تنازلات، مطالبًا بحقه المشروع في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، معتبرًا أن جوهر الصراع سياسي، وأن أي حلول لا تنهي الاحتلال ستبقى “ترقيعية” لا تعالج جذور الأزمة.