في التاسع من حزيران، يستحضر الأردنيون ذكرى وطنية خالدة، عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مناسبة تتجدد فيها البيعة، وتترسخ فيها مشاعر الولاء والانتماء لقائد اختط نهج الحكمة والعزيمة، وقاد الأردن وسط محيط مضطرب، محافظًا على أمنه واستقراره ومكانته.
وبهذه المناسبة، عبّر عدد من المتقاعدين العسكريين عن اعتزازهم وفخرهم بقيادة جلالة الملك، مستذكرين سنوات من العطاء والإنجاز، ومؤكدين أن هذه الذكرى تمثل محطة يتجدد فيها العهد لراية الهاشميين، واستحضارًا لمسيرة قائد جسّد في سلوكه وفكره قيم الجندية، والتفاني في خدمة الوطن وأبنائه، ودفاعه الثابت عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأكد المتحدثون أن جلالة الملك، ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية عام 1999، أسس لنهج إصلاحي متين، عزز من مكانة الأردن إقليميًا ودوليًا، وجعل من الإنسان محورًا للتنمية، ومن الشباب طاقة وطنية تُستثمر للمستقبل، راسمًا خريطة تحديث سياسي واقتصادي وإداري متكاملة.
وعبّر المتقاعدون العسكريون عن فخرهم بخدمة الوطن تحت راية القائد الأعلى، مؤكدين أن عيد الجلوس مناسبة لتجديد القسم: “نحن على العهد باقون.. سمعًا وطاعة، يا ابن الحسين”.
وفي هذا السياق، أكد مدير عام المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء اللواء الركن المتقاعد عدنان الرقاد، أن عيد الجلوس الملكي، يجدد في النفوس بيعة الوفاء، ويوقد شعلة الولاء في القلوب، مشددًا على أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني سيبقى عصيًّا على كل محاولات التشويه، راسخًا في مواقفه، متمسكًا بثوابته، وفي مقدمتها الوقوف إلى جانب فلسطين، والدفاع عن كرامة الأمة.
وقال الرقاد، إن “المتقاعدين العسكريين وإن خلعوا البدلة، لم يغادروا ميدان الشرف، فقلوبهم لا تزال ترفل بـ”الفوتيك”، وأرواحهم مشدودة لنداء الواجب”، مضيفًا: “نحن على العهد، أبناء الجيش العربي، أحفاد الثورة العربية الكبرى، ورثة البندقية الهاشمية، لا تفتُر عزيمتنا، ولا تغفل عيوننا عن حماية الراية والذود عن الوطن والقيادة”.
ووجّه الرقاد التحية لجيشنا العربي المصطفوي وأجهزتنا الأمنية الباسلة، مؤكدًا أنهم سياج الوطن وحماة استقراره، لا يغمض لهم جفن حتى تبقى راية الأردن خفّاقة، وسيادته مصونة.
وختم بالقول: “نحن خلف قيادتنا، صفًا كالبنيان، نردد في عيد الجلوس: سمعًا وطاعة، يا ابن الحسين، يا حامل الأمانة وباني الغد”.
بدوره قال كبير المرافقين العسكريين السابق وقائد مجموعة الأمن الخاص لجلالة القائد الأعلى العميد المتقاعد أمين القطارنة: “هذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا جميعًا، نجدد فيها البيعة والولاء لصاحب الجلالة، ونستذكر بكل فخر مسيرة العطاء والإنجاز التي قادها جلالته بكل شجاعة وحكمة وإخلاص خلال 26 عامًا مضت.”
وعبّر عن استمرار جلالة الملك في خدمة وطنه وشعبه بعزيمة لا تلين وعلى جميع الأصعدة والمستويات، مؤكدًا أن هذه المسيرة المضيئة لم تتوقف.
وأفاد القطارنة بأنه قد تشرف بالعمل إلى جانب جلالة الملك لما يقارب 14 عامًا، وكان خلالها شاهدًا على الجهود الكبيرة التي بذلها جلالة الملك من أجل رفعة شأن الأردن والأردنيين، سواء محليًا أو إقليميًا أو عالميًا.
وتابع: “لا يمكن إغفال مدى حرص جلالة الملك على النهوض بالدولة الأردنية، وطموحه لأن يكون وطننا نموذجًا في المنطقة، معتمدًا على ثرواته المختلفة، سواء المادية أو البشرية.”
وأوضح القطارنة، أن جلالة الملك يضع برنامجه للسنة المقبلة بعناية فائقة، لافتًا إلى أن يوم جلالته المزدحم يبدأ باكرًا ويمتد حتى ساعات متأخرة.
وأوضح أن جلالة الملك كان يخصص يومًا للقاء الشخصيات الوطنية والقيادية، ويومًا آخر للزيارات الميدانية ولقاءات أبناء الشعب، ويومًا لاستقبال الضيوف الرسميين، ويومًا لعقد الاجتماعات والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة، سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية تهم المواطن، بالإضافة إلى يوم مخصص للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
ومن جهة أخرى، تحدث القطارنة عن حرص جلالة الملك الكبير على دعم الشباب والالتقاء بهم، مشيرًا إلى أنه كان يجد فيهم الأمل والتفاؤل ومستقبل الوطن.
وأضاف: “أتذكر أنه في زياراته الرسمية الخارجية كان حريصًا على اصطحاب مجموعة من الشباب معه، ليشهدوا العمل الذي تقوم به الدولة، ويكتسبوا الخبرة ويوسعوا مداركهم، ليتمكنوا من الانطلاق في مجالاتهم المختلفة حسب اختصاصاتهم وطموحاتهم.”
كما، أكد القطارنة أن الوقت ثمين جدًا لدى جلالة الملك، فهو يحترم وقته ووقت الآخرين، وكان يحرص على حضور المسؤولين قبل موعد لقائه بوقت قليل، ثم يعودوا إلى أعمالهم سريعًا، مؤكدًا دائمًا للتشريفات أن “الوقت ثمين للجميع ولا يجب إضاعته”.
واستذكر القطارنة أثناء حديثه موقفًا لجلالة الملك يعكس الاحترام الكبير للوقت، يقول: “في تمرين عسكري كان مقررًا يوم الخميس عند الساعة الواحدة ظهرًا، مدته ساعتان، فعندما عُرض البرنامج على جلالة الملك، أصر على بدء التمرين الساعة العاشرة صباحًا، رغم أن فريق التنظيم أخبره بعدم الجاهزية، لكن جلالته قال لهم: “هل نسيتم أنني خدمت في القوات المسلحة..الجندي يعمل ليلًا ونهارًا طوال الأسبوع وينتظر يوم الخميس بفارغ الصبر ليأخذ إجازته، وأنتم تضعون برنامجًا يعطل عليه يوم الخميس”.
وأضاف: ‘راح يكونوا مبسوطين إذا كان البرنامج صباحًا’.” ومنذ تاريخ هذا الموقف لم يتم وضع برنامج تدريبي في أي يوم خميس إلا للضرورة القصوى”.
وختم القطارنة حديثه مهنئًا جلالة الملك وأبطال القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بمناسبة ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش، مؤكدًا أن هذه المناسبة الغالية، التي تتزامن مع عيد الجلوس الملكي، تعكس وحدة الوطن وقوة عزيمته في وجه التحديات، وتبرز الروح الوطنية التي تسير عليها قيادتنا الهاشمية بكل ثبات وإصرار.
وفي السياق ذاته، قال العميد المتقاعد الدكتور عقلة غمار الزبون، إن عيد الجلوس الملكي على العرش يُمثل محطة وطنية نابضة بالولاء والانتماء، يستحضر فيها الأردنيون مشاعر العز والفخر بقيادتهم الهاشمية، ويجددون البيعة لقائد المسيرة، جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي تسلّم سلطاته الدستورية في 9 حزيران عام 1999.
وعبّر الزبون عن اعتزازه العميق بهذه الذكرى، قائلًا إن 26 عامًا من عهد جلالته، شكّلت مسيرة من الحكمة والإنجاز والكرامة، أدار فيها دفة الوطن في محيط مضطرب، فظل الأردن واحة أمن واستقرار، ونموذجًا في الرشد السياسي والنهج الإصلاحي المتزن.
وأضاف: “لم يكن البناء الوطني مجرد شعارات، بل كان عملاً دؤوبًا، وضع فيه جلالة الملك الإنسان الأردني محورًا للسياسات والتوجهات”.
وفي هذا الإطار، أشار الزبون إلى اهتمام جلالته بمنظومة التعليم، وبناء جيل مسلح بالمعرفة، قادر على المنافسة والإبداع، مؤكدًا أن الشباب ظلّوا في صلب رؤية التحديث، باعتبارهم طاقة الوطن ومحركه.
ولفت إلى أن جلالته قاد سلسلة من التعديلات الدستورية والتشريعية، التي عمّقت المشاركة الشعبية، ورسّخت الفصل بين السلطات، ومهّدت الطريق نحو التعددية الحزبية؛ فكان تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية خطوة نوعية، جسدت إرادة عليا بمواصلة التطوير ضمن نهج مؤسسي.
وتابع الزبون قائلاً، إن الاقتصاد الأردني، رغم ما واجه من تحديات قاهرة، شهد رؤى استراتيجية واضحة، تمثلت في التحديث الاقتصادي الشامل، الذي هدف إلى رفع التنافسية، وتحفيز الاستثمار، وتوسيع قاعدة التشغيل، وتوجيه الجهود نحو الاعتماد على الذات.
وأضاف، أن هذه الرؤية ليست مجرد مخطط اقتصادي، بل مشروع وطني متكامل، نابع من حرص جلالة الملك على تحسين حياة الأردنيين.
وفي الجانب الإنساني، تحدث الزبون عن تلك اللحظات التي وقف فيها جلالته قريبًا من المواطن، ملامسًا احتياجاته، داعمًا للأسر المحتاجة، وموجّهًا بتوفير الرعاية الصحية لكل مريض، مشيرًا إلى أن كرامة الإنسان كانت ولا تزال حجر الزاوية في فكر الملك ورسالته.
أما على الصعيد الدولي، فثمّن الزبون مواقف جلالته الثابتة في الدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث كان الصوت الأعلى والأصدق في المنابر العالمية، مطالبًا بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ومؤكدًا الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تلك الوصاية التي حملها جلالته كأمانة تاريخية، وذاد عنها بكل شرف ومسؤولية.
وفي مواجهة الإرهاب والتطرف، بيّن الزبون أن جلالته قاد خطابًا عالميًا أصيلاً، يُظهر جوهر الإسلام الحقيقي، دين التسامح والرحمة، مشيرًا إلى مبادرات كـ”رسالة عمان” و”أسبوع الوئام بين الأديان”، التي شكّلت منارات فكرية في عالم مضطرب.
كما استحضر مواقف جلالته السيادية، مشيرًا بتقدير بالغ إلى استعادة أراضي الباقورة والغمر في عام 2018، حين أعلن الملك بحزم وكرامة: “الباقورة والغمر أراضٍ أردنية وستبقى أردنية”، مؤكدًا أن السيادة الوطنية لا تخضع لأي مساومة أو حساب.
ولم يغب عن حديث الزبون موقف الأردن في وجه العدوان على غزة عام 2023، حيث وصف التحرك الملكي آنذاك بأنه كان تجسيدًا للدبلوماسية الأخلاقية، وللثبات في الدفاع عن شعب أعزل، ودعم القطاعين الصحي والإنساني رغم ضيق الإمكانات، ووسط صمت دولي خانق.
وأشاد بالمتابعة الملكية الدقيقة للشأن الداخلي، مؤكدًا أن جلالة الملك يتابع من كثب أداء المؤسسات، ويوجه باستمرار نحو تحسين الخدمات، وتعزيز العدالة، وتكريس سيادة القانون، في سبيل ترسيخ دولة المواطنة والمؤسسات.
وختم الزبون بالقول: “إن جلالة الملك عبدالله الثاني لم يكن يومًا قائدًا عادياً، بل مدرسة في القيادة، لا يتحدث عن الإنجاز، بل يصنعه، ولا يطلب التفاني، بل يقدّمه بنفسه، ونحن على العهد باقون، نستلهم من جلالته الرؤية والبصيرة، ونمضي خلفه لصون كرامة الوطن وكرامة الإنسان، تحت راية الهاشميين، راية العز والمجد والوفاء”.